الثلاثاء، 24 فبراير 2015


المنهج

يزداد الاهتمام بالمنهج يوما بعد يوم لدى الباحثين التربويين , الا ان هذا الاهتمام لم يشفع في إيجاد تعريف محدد ومتفق عليه من الجميع , و هذه الاختلافات ترجع في التاريخ إلى أسباب منها :

1- اختلاف الوقت  والعصر الذي تم فيه تعريف المنهج

2- اختلاف الأهداف التي يسعى المنهج الى تحقيقها المنهج لدى كل طائفة

3- اختلاف العقيدة والفلسفة التي نظر الى مفهوم المنهج في ضوئها .

4- كثرة نتائج البحوث والدراسات النفسية المتعلقة بعملية التعليم والتعلم واختلافها وتطورها.

5-  الانفجار المعرفي وكثرة المعارف والمعلومات التي بات من الصعب ان يحيط بها المنهج دفعة واحدة .

المنهج في اللغة:

جاءت كلمة نهج في المعجم الوجيز : (نهج) نهج الطريق نهجاً أي وضح واستبان, ويقال نهج الطريق أي بينه وسلكه , ويقال نهج نهج فلان أي سلك مسلكه ,

و(المناهج) هي الطريق الواضح والخطة المرسومة, ومنه مناهج الدراسة ومناهج التعليم ونحوهما, وجمعه مناهج والمنهج نفس المنهاج.

المنهج في القران الكريم :

قال تعالى / ( فاحكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهوائهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) سورة المائدة
 
وذكر الشوكاني في فتح القدير : الشرعة والشريعة في الاصل هي الطريقة الظاهرة التي يتواصل بها الى الماء , ثم استعملت فيما شرعه الله لعباده من الدين ,
والمنهاج: هي الطريقة الموضحة البينة وقال أبو العباس محمد بن يزيد المبرد : الشريعة هي ابتداء الطريق والمنهاج هو الطريق المستمر ومعنى الآية : أن الله تعالى جعل التوراة لأهلها والانجيل لأهله والقران لأهله وهذا قبل نسخ الشرائع , أما بعده فلا شرعة ولا منهاج الا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم , وذكر ابن قتيبة ان  بعض العلماء يقول ان الشرع والشريعة واحدة والمنهاج الطريق الواضح ، وبعضهم قال أن الشريعة والمنهاج عبارتان عن معنى واحد والتكرير للتأكيد.
المنهج في السنة :
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته الطويلة التي رواها حذيفة بن اليمان حيث قال: تكون النبوة منكم ما شاء الله ان تكون ثم يرفع تبارك وتعالى اذا شاء ثم تكون الخلافة على منهاج النبوة .... ( رواه احمد ) فكلمة على منهاج النبوة تعني على طريق النبوة .
المنهج في اللغات والثقافة الأجنبية:
يرجع مصطلح المنهج (Curriculum) في الاصل الى الكلمة اللاتينية(Currere) وتعني ما يجري في مهرجانات أو دورات السباق (Rase) التي كانت تقام من وقت الى اخر ومع مرور الزمن تحول متطلب السباق او الجري الى مقرر دراسي تدريبي فتم اطلاق كلمة المنهج على مقررات الدراسة والتدريب . ثم استمر الامر بعد ذلك لتعني الكلمة محتوى المواد الدراسية أو الخطط الخاصة به ( جودت سعادة ) 2004م.
 
مفهوم المنهج تربوياً:
تطور المنهج في مفهومه عبر مرحلتين : المنهج التقليدي القديم , المنهج الواسع الحديث.
قديماً: هو عبارة عن مجموع المعلومات والحقائق والمفاهيم والافكار التي يدرسها التلاميذ في صورة مواد دراسية ( مقررات دراسية ) نجوى شاهين(2006)
وذكر ابراهيم الدعيلج( 2007 )هو مجموعة المعلومات والحقائق والمفاهيم التي تعمل المدرسة على اكسابها للتلاميذ بهدف اعدادهم للحياة وتنمية قدراتهم عن طريق الالمام بخبرات الاخرين والاستفادة منها .
 
وقد تعرض هذا المفهوم لعدد من  الانتقادات من أهمها:
1-           تركيز المادة الدراسية على الناحية العقلية وأغفلت نواحي النمو الاخرى ( الجسمية والانفعالية والاجتماعية .. الخ ) وهذا يتعارض مع شخصية الطالب ونموه المتكامل .
2-           إغفال المتعلم واستعداداته الفطرية والمؤثرة التي يخضع لها بتأكيده على المنفعة الذاتية للمعارف والمعلومات وإلزام التلميذ بضرورة تعلمها وحفظها, مهما بلغت درجة صعوبتها .
3-           اختيار المادة والمحتوى من قبل اختصاصيين دون ان يكون هناك لوجهة نظر القائمين على تعليم هذه المواد أو احتياجات التلاميذ الذين يدرسونها.
4-           دور المتعلم هو متلقي للمعلومات من مدرسيه فالاتصال من طرف واحد.
5-           اعتبار التحصيل الدراسي هدفاً قائماً مما يؤدي بالمتعلمين الى حفظ المعلومات واتقانها طلباً للنجاح دون الحاجة الى البحث والاطلاع .
6-           اعتقاد المدرسين ان عملهم يقتصر على توصيل المعلومات , مما ينعكس سلباً على طرائق تدريسهم .
7-           التعامل مع المواد على انها منفصلة واستبعاد الانشطة التي تتم خارج الصف
8-           الاعتماد على الامتحانات للانتقال من صف الى صف واهمال البحث والاطلاع.
9-           الاعتماد على الكتاب كمرجع وحيد واهمال البحث عن المعرفة وإهمال تزويد الطالب بأدوات البحث عن المعرفة .
10-      قصور المنهج التقليدي عن الوفاء بمتطلبات المجتمع المتطورة باستمرار.
 
وهكذا فان المنهج القديم التقليدي منهج قاصر لأنه لا يرتبط بالحاضر أو يضع المستقبل في محيطه . فهو لا يفي بمتطلبات التربية الحديثة لكل ما تتضمنه من غايات واهداف متجددة .لذا كان لابد من تطوير المنهج من المفهوم الضيق الى مفهوم واسع يشكل غايات واهداف الحاضر والمستقبل .
مفهوم المنهج الواسع الحديث:
نتيجة النقد الموجه للقديم لقصوره وضيق نطاقه ولظهور العديد من النظريات والعوامل والافكار التي اثرت في المنهج ومنها على سبيل المثل :
1-           التجارب والدراسات الشاملة التي اجريت في الميدان التربوي وعلم النفس , وقد غيرت الكثير من الافكار عن طبيعة المتعلم وكشفت عن حاجاته وميوله واتجاهاته وقدراته ومهاراته .
2-           وحيث ان المنهج العلمي قد أكد ايجابية المتعلم لا سلبيته , واظهر الفكر على جانب واحد دون الجوانب الاخرى من شخصية التلميذ, والتي تشكل وحدة متكاملة ذات جوانب متعددة , تنمو جيمعا لتحقيق الاهداف التربوية المنشودة.
3-           التغيرات التي طرأت على أهداف التربية واحتياجات المجتمع وعلى وظيفة المدرس التربوية في العصر الحديث .
4-           التطورات التكنلوجية والانفجار المعرفي الذي غير العالم من المفاهيم والقيم الاجتماعية القديمة , وأدى الى تحولات وتغيرات جذرية في المجتمع .
5-           نتائج البحوث الخاصة بالمنهج القديم , اظهرت واوضحت القصور في المفهوم التقليدي .
6-           ان طبيعة المنهج التربوي الذي يتعلمه التلميذ في المدرسة من تعليم المهارات واكتساب الاتجاهات عن طريق الخبرة المدرسية المحددة له الى جانب ما يتعلمه ويكتسبه من خلال المواقف خارج المدرسة وكلاهما يؤثر في الآخر. بمعنى أن المنهج يتأثر بالتلميذ والبيئة والمجتمع والثقافة والنظريات التربوية.
لذا كان لابد أن يأخذ المنهج مفهوماً جديداً لم يكن من قبل والذي تعامل مع التلميذ بأنه كل متكامل وغاية تربيته استثارة نموه وتوجيهه بإتاحة الفرص لهم للقيام بالأنشطة المختلفة : العقلية والثقافية والعلمية والاجتماعية والدينية والرياضية والفنية.... الخ
وقد تم تعريف المنهج الحديث بعدة تعريفات منها :
1-           هو جميع الخبرات ( النشاطات أو الممارسات ) المخططة التي توفرها المدرسة لمساعدة التلميذ على تحقيق النتاجات ( العوائد ) التعليمية المنشودة الى افضل ما تستطيع قدراتهم .(علاء ابراهيم,2006)
2-           هو مجموع الخبرات التربوية ( الثقافية والرياضية والاجتماعية والفنية والعلمية ) التي تهيئها المدرسة لتلاميذها داخل المدرسة وخارجها, بقصد مساعدتهم على النمو الشامل في جميع النواحي الجسمية والعقلية والاجتماعية والانفعالية وتعديل سلوكهم طبقاً لأهدافها التربوية ( ابراهيم الدعيلج ,2007)
3-           وعرفه (راتب عاشور ,2004)كل تعليم يخطط له ويوجه بواسطة المدرسة ويتم بمجموعات أو فردية داخلها أو خارجها .
4-           وعرفه جودت سعادة وابراهيم عبدالله(؟؟؟؟؟) على انه مخطط تربوي يتضمن عناصر مكونة من أهداف ومحتوى وخبرات تعليمية وتدريس وتقويم مشتقة من أسس فلسفية واجتماعية ونفسية ومعرفية , مرتبطة بالمتعلم ومجامعه ومطبقه في مواقف تعلمية تعليمية دخل المدرسة وخارجها تحت اشراف منها ، بقصد الاسهام في تحقيق النمو المتكامل لشخصية المتعلم بجوانبها العقلية والوجدانية والجسمية وتقويم مدى تحقق ذلك كله لدى المتعلم .
5-           وعرفه Doll : بأن المنهج هو كل الخبرات التي لدى المتعلمين تحت اشراف ورقابة وتوجيه المدرسة .
6-           تعريف Wilson: المنهج هو نظام مخطط للمشاركة الانسانية في التفكير للوصول الى نهوض المتعلم ومضاعفة طاقاته .
تعريف المنهج كنظام :
يذكر حسن جعفر خليفة (2014) إن تطبيق فكرة النظام في ميدان المناهج تجعلنا ننظر للمنهج على انه بجميع مكوناته ( منظومة ) منظومة تربوية متكاملة .
ويعرف النظام في علم الادارة بانه كل مركب من مجموعة العناصر أو الاجزاء التي ترتبط مع بعضها بشكل وظيفي متكامل وتعمل وفق نسق معين لتحقيق أهداف محددة بحيث اذا حدث خلل في أي عنصر من عناصر النظام انعكس هذا الخلل على النظام كله , وبذلك فالنظام التربوي جزء من منظومة اكبر هي النظام الاجتماعي العام , والنظام التربوي كنظام فرعي يتكون ايضاً من مجموعة من الأنظمة الفرعية مثل نظام الادارة والتمويل نظام المناهج الدراسية , نظام المعلمين , نظام الاختبارات.
وفي ضوء تعريف النظام يمكن تعريف المنهج بأنه نسق أو خطة تتضمن مجموعة من العناصر المترابطة تبادلياً والمتكاملة وظيفياً والتي تسير وفق خطوات متسلسلة لتحقيق أهداف المنهج (محمد السيد,1998)
وتبدأ عملية ادارة الجودة وفقاً لمدخل النظم
 بتحليل النظام التعليمي (Systems Analysis)   وتشخيص واقعه وتحديد احتياجاته واصلاح منظوماته الفرعية .(شعبان ابراهيم,2009)
 
 
المنهج الرسمي :The Studied Curriculum
حينما نتحدث عن المنهج نقصد منه المنهج العلن أو المنظم أو الظاهر أو الرسمي, وهذا المنهج هو وثيقة مكتوبة ومحددة من قبل هيئة أو جهة مخولة بإعدادها. يطبقها المعلم في فترة محددة وفق نظام معين .(محمد علي ,1998)
المنهج الخفي :The Hidden Curriculum
وقد يسمى المختبئ أو الموازي أو غير المقصود, بمعنى أنه يعتبر تحصيل مدرسي آخر يوازي التحصيل الأكاديمي الذي يعتبر التحصيل الاساسي او الاول ,, ومن هنا وضحت العلاقة بين المنهجين كما عبر عنه جاكسون(Jackson) بان المنهج الخفي يرتبط بعملية التعلم المصاحب وتأثيره اكبر من المنهج الرسمي , لذك على المدرسة أن تأخذه  بالاعتبار فتبني لنفسها منظومة خاصة من القيم وتعمل على اكسابها لتلاميذها . (نجوى شاهين ,2006)
ويمكن تعريف المنهج الخفي بأنه كل ما يكتسبه ويمارسه المتعلم من المعارف والاتجاهات والقيم والمهارات خارج المنهج الرسمي طواعية ودون اشراف المعلم من خلال التعلم بالقدوة والملاحظة من أقرانه ومعلميه ومجتمعه المحلي .(محمد علي ,1998)
 ومنظومات المنهج الفرعية أو ما تسمى عناصر ومكونات المنهج بمفهومه الحديث هي:
1-           الاهداف : ما يرمي اليه المنهج
2-           المحتوى: مجموع الخبرات المتنوعة
3-           طرق التدريس: الاجراءات والافعال التدريسية
4-           الوسائل التعليمية والأنشطة: عناصر يستعين بها المعلم في عملية التعليم
5-           التقويم : تشخيص وعلاج نتائج التعليم .